ماتستغربش العنوان .. أخلاقنا صارت موسمية، يعني في رمضان الأخلاق شيء، وفي غير رمضان شيء أخر تماما.
أخلاق الشباب الموسمية حدث ولا حرج، نبدأ بالفتيات.. والموقف ده حصل معايا بالفعل من 12 سنة أيام ما كنت طالبة في الجامعة، دفعتي كان فيها بنات غير محجبات كتير، ومع أول يوم رمضان تلاقيهم ما شاء الله الورع والإيمان نزل عليهم وارتدوا الحجاب، والله شيء مفرح وكل ما أروح أبارك لواحدة على الحجاب تقولي "لأ ده علشان رمضان بس...هه! إزااااي!".
وتاني يوم زميلة منهم قالت لي "مش هتلبسي الحجاب بقى؟" .. قلت لها "إن شاء الله إدعيلي أنتي بس" ... بصت لي أوي كدة وقالت لي "لأ أنا قصدي مش هتلبسيه علشان رمضان؟" .. تنحت أوي وقلت لها "مش رب رمضان رب كل السنة.. لو الحجاب فرض فأكيد مش فرض لرمضان بس ولا إيه!" .. سكتت وبعدها قالت "أنتي صح والله عندك حق .. بس التعود بقى والمجتمع".
نيجي بقى للشباب .. الشاب في العادي يقف مع صحابه في الشارع ومفيش واحدة تعدي من قدامهم غير بغمزة ولا لمزة وترديد جمل من نوعية "يا حلو أنت يا حلو.. حلوة الجزمة الحمرا دي.... أكيد ماما نحلة علشان تجيبالعسل ده كله" .. ودول أكثر الشباب أدباً، في بقى فئة تتخطى الغمز واللمز إلى اللمس "آي والله" التحرش عنده هواية أو فاكر أن البنت مش من حقها تنزل من بيتها فقرر يقرفقها في عيشتها لحد ماتتكنّ في بيتها .. أما عن تفسيري أنا بقى للتحرش هأقوله في الآخر.
وهذا الشاب المُعاكس والمُتحرش ييجي بقى رمضان تلاقيه بسم الله ما شاء الله ولا حول ولا قوة الإ بالله تحول بقدرة قادر لشاب خلوق ومتدين ما يفوتش فرض في الجامع والتراويح .. وتلاقيه ماشي في الشارع عينه في الأرض ولا ترمش ناحية واحدة.. سبحانه!
وأضعف الإيمان تلاقيه نايم طول نهار رمضان ويبدأ يمارس هوايته في المعاكسة والتحرش بعد الفطار .. الصيام له حُرمة طبعا.
وتيجي بقى للعيد تحس أن ماسورة تحرش واتفتحت في الشوارع والجنانين .. بيعوّضوا الصيام بقى.
السرقة بقى معدلها بيقل في رمضان عن أي وقت تاني في السنة الحرامي برضه عنده أخلاق يعني .. الإ سرقة الجزم من الجوامع "ده موسم يا إخوانا".
أما عن أخلاق الزملاء مع بعضهم في العمل فحدث ولاحرج .. الزملاء نادراً ما بيحبوا بعض وتلاقيهم مقطعين في فروة بعض كل يوم"شفتي فلان خطب اسمها إيه اللي دارت مع طوب الأرض" .. "شفتي باباهاغير لها العربية .. تلاقيه مرتشي ولا تاجر مخدرات".
أما في رمضان تعالى افتح موضوع مع زميل عن زميل آخر تلاقيه يبص لك بتجهم ويقولك "أستغفر الله...دع الخلق للخالق يا أخي".
الأخلاق بقت موسمية لها شهر في السنة نمثل فيه على بعض بأخلاقنا .. لحقيقة إحنا بنمثل على نفسنا وإحنا مقتنعين إننا صح.
العيب مش فردي ولا في المجتمع اللي بنوهم نفسنا أن أسلوب مجتمعنا وتربيتنا كده.
كل عيوبنا بسبب التربية وتصرفات أهالينا اللي بتهتم بالأخلاق المظهرية فقط، يعني ايه أم تلاقي ابنها بيتحرش ببنت ويلمس جسمها ولما البنت تشتكي ترد الأم بمنتهى البجاحة "طفل وبيلعب" !!!!! .. ده موقف حدث بالفعل لصديقة في شم النسيم ومن بعدها قررت تقضي شم النسيم في البيت وتدعي على العيال وأمهاتهم .. ده من طقوس شم النسيم عندها خلاص.
التربية يا سادة اللي بتخلي فرد عنده أخلاق طول السنة مش أخلاق موسمية .. الأم والأب اللي بيقولوا لولادهم ما تأكلش حاجة من ايد حد مسيحي بيزرعوا الطائفية فيه واللي بيقولوا ابعد عن السُمر أو يتريقوا على حد بشرته سمراء قصاد ولادهم بيزرعوا فيهم العنصرية من صغرهم .. بس اللي يدهشك أن نفس الأشخاص دي بيختلفوا في رمضان ويدّعوا التسامح والمحبة، ومفيش مانع من مشاركة طبق قمر الدين وقطايف لتجميل الصورة .. اخدع علشان الصورة تطلع حلوة.
نادراً ما تلاقي أب وأم بيتكلموا مع أولادهم عن حرية العقيدة واللبس والاختيار واحترام الآخر .. كل واحد بيربي ولاده لحد حدود بيته ولحد مصلحته وراحته بس، والغريب أنه بيتفاجئ لما حد ما يراعيش حدوده .. ما هو أسلوب بلدنا كده "عدم احترام الآخر والأخلاق الموسمية".
الحل يكمن في الآتي:
لولسه ماعنندكش ولاد ياريت تحسبها صح قبل ما تفكر تخلف وتسأل نفسك "أنت اد المسؤولية دي ولا لأ؟"
و لوعندك ولاد حاليا وبتربيهم بنفس اللي اتقال ده حاول تراجع نفسك بسرعة في طريقة تربيتك ليهم .. أنت بتطلع عنصر عنده ازدواج أخلاقي وبتبوظ مجتمع كامل "بدون مبالغة" .. يا لو مش هتقدر تعمل كدة أقتلهم ولك الأجر والثواب.
الحلال أريح لك وللمجتمع والناس .. ماتخلفش أصلاً .. المجتمع لم يعد يحتمل المزيد من الأخلاق الموسمية.
رائع و صحيح.
ردحذف